ملاحظة: إننا نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على جميع التفاصيل الدقيقة عند ترجمة المقالة الإنجليزية الأصلية، ونعتذر عن أي جزئية مفقودة في الترجمة قد تلاحظونها من حين لآخر. نرحب بتعليقاتكم على البريد الإلكتروني التالي reader_input@mckinsey.com
منذ أن أعلنت الولايات المتحدة في 2 أبريل 2025 عن فرض رسوم جمركية متبادلة، شهدت الأسواق المالية حول العالم تقلبات شديدة، ما أثار القلق بشأن التأثيرات المحتملة على الاقتصاد العالمي. وقد أدت الرسوم التي فرضتها الحكومة الأمريكية منذ ذلك التاريخ إلى رفع متوسط الرسوم الجمركية إلى أعلى مستوى له منذ قرن، حيث ارتفع من نحو 2% في بداية عام 2025 إلى أكثر من 20% بحلول 11 أبريل 2025. أما ردود الفعل من الدول الأخرى فقد تنوعت؛ فبينما فرضت الصين رسومًا تصل إلى 125% على الواردات الأمريكية، عرضت أكثر من 75 دولة التفاوض، وفقًا للإدارة الأمريكية.1
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللغة العربية
شاهد مجموعة المقالات الخاصة بنا باللغة العربية، واشترك في النشرة الإخبارية العربية الشهرية
حتى الآن، ما زال من غير الواضح كيف ستتطور هذه الإجراءات، خاصة مع قرار الحكومة الأمريكية بتجميد معظم الرسوم المفروضة على دول بعينها لمدة 90 يومًا. ومع ذلك، من المؤكد أن لهذه الرسوم تأثيرًا كبيرًا على تكاليف الشركات، وعلى الطلب من جانب المستهلكين والشركات، وكذلك على الميزة التنافسية في السوق بين الشركات المختلفة. وفي ظل هذا الواقع، يواجه قادة الأعمال الكثير من القرارات الفورية التي يجب اتخاذها بسرعة، لدرجة أن بعضهم أنشأ وحدات خاصة لمتابعة التطورات السياسية العالمية والتعامل معها. وفي هذا المقال، نقدم ثلاث خطوات رئيسية يمكن أن تساعد الشركات على اتخاذ قرارات استراتيجية على المدى المتوسط والطويل: 1- تحليل الوضع التنافسي بالنسبة للمنافسين. 2- تحديد الاستراتيجيات العامة وما يجب فعله. 3- اختبار القرارات في ظل حالة عدم الاستقرار الحالية.
تحليل الوضع التنافسي مقارنة بالمنافسين
مع تقدم القادة في التعامل مع ردود الأفعال السريعة، يجب عليهم أن يفكروا في التغيرات الطويلة الأمد التي ستطرأ على أعمالهم. عليهم أن يقيّموا كيف ستؤثر الرسوم الجمركية الجديدة على ميزتهم التنافسية وآفاق توسعهم:
- الميزة التنافسية في السوق: تؤثر الرسوم الجمركية بشكل مختلف من دولة إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر، فكل شركة تعمل في بيئة مختلفة من حيث الموقع الجغرافي، ومزيج المنتجات، والعمليات، وسلسلة الإمدادات. وهذا الاختلاف يستدعي من كل شركة أن تقيّم كيف ستؤثر الرسوم الجمركية الجديدة على ميزتها التنافسية في السوق. العديد من القادة في عالم الأعمال بدأوا بالفعل في حساب تأثير هذه الرسوم على تكاليف العمليات، لكن الخطوة التالية هي فحص تأثير هذه الرسوم على منافسيهم وتكاليفهم، بالإضافة إلى المنتجات البديلة. فمن خلال هذا التحليل، يمكن للشركات تحديد ما إذا كانت قادرة على الحفاظ على هوامش ربحها وربما تسريع مبيعاتها، أم إذا كان عليها اتخاذ خطوات لتقليص حجم أعمالها. وبالنظر إلى أن بعض الدول قد فرضت قيودًا جديدة على التصدير ردًا على الرسوم الجمركية الأمريكية، يتعين على القادة دراسة قدرتهم على الحفاظ على الوصول إلى الأسواق والإمدادات مقارنةً بمنافسيهم، ومدى الحاجة لتوسيع الإنتاج لمواكبة هذه المتغيرات.
- الطلب: من المحتمل أن تؤثر التغيرات في الرسوم الجمركية بشكل كبير على الإنفاق في الأعمال التجارية، وعلى إنفاق المستهلكين والحكومات. وأيضًا على حركة التجارة بين الدول. لذلك، يجب على الشركات أن تدرس كيف يمكن أن تؤثر الحالة الاقتصادية العامة على الطلب على منتجاتها. كما يجب أن تفحص الشركات كيف سيؤثر الطلب إذا دعت الرسوم الجمركية لزيادة الأسعار. وأخيرًا، عليها أن تفكر فيما إذا كانت أسواق عملائها الرئيسيين تتوافق مع مسارات التجارة التي تتوسع أو تتقلص.
تحليل هذين البُعدين لكل مزيج من المنتجات والمناطق الجغرافية يمكن أن يساعد قادة الأعمال في تحديد مجموعة من الإجراءات لحماية الاقتصاديات الخاصة بشركاتهم وربما تسريع التوسع.
تحديد الاستراتيجية المناسبة واتخاذ الخطوات الفعالة
عندما تواجه الشركات تدابير تجارية جديدة، يجب على القادة أن يتجاوزوا التفكير في كيفية تقليل الأضرار فقط، وأن يبحثوا في الفرص التي قد تأتي مع هذه التغييرات. كما وضحنا في مقال سابق،2 يمكن تصنيف الإجراءات التي قد تتخذها الشركات استجابة للتغيرات الأخيرة في الرسوم الجمركية إلى أربع استراتيجيات رئيسية. هذه الاستراتيجيات تختلف حسب وضع كل شركة وظروفها الخاصة:
- تسريع النشاط التجاري والاستثمار في التوسع: الشركات التي تندرج تحت هذا التوجه عادةً ما تكون لديها مواقع تشغيل قوية وسلاسل إمدادات فعالة تمنحها ميزة تنافسية عن غيرها. هذا يعني أنها في موقع مميز يتيح لها التحرك بسرعة لتعزيز أدائها التجاري، سواء من خلال تحسين الأسعار، أو توسيع فريق المبيعات، أو زيادة وجودها في طرق البيع المختلفة، أو زيادة القدرة الإنتاجية في المصانع الحالية. لكن الأمر لا يقتصر على اتخاذ خطوات سريعة فقط، بل من المهم أيضًا التفكير في المستقبل على المدى الطويل. لذلك، يجب على هذه الشركات أن تدرس فرص استثمارية طويلة الأمد، مثل إطلاق منتجات جديدة في السوق، أو تعزيز سمعة علامتها التجارية، أو شراء شركات أخرى لتوسيع نطاق أعمالها، أو إنشاء مصانع جديدة تساهم في التوسع وتعزيز قدرتها على التوسع في المستقبل.
- تعزيز حصة السوق وحماية الأرباح: الشركات في هذه الفئة تتمتع بموقع أفضل من منافسيها، لكنها تواجه تراجعًا في الطلب من العملاء. وللحفاظ على هذا الموقف، يجب عليها التركيز على استخدام إمكانياتها الداخلية وتجنب الاستثمارات الكبيرة حتى يستقر الطلب. ومن الإجراءات التي يمكن اتخاذها: تعديل الأسعار لبعض الفئات من العملاء، وكذلك تقديم مكافآت للعملاء المخلصين، وتوسيع المبيعات في أسواق جديدة حيث تحسن وضعها مقارنة بالمنافسين بعد تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة.
- الاستثمار لإعادة تنظيم التكاليف: تتعلق هذه الاستراتيجية بالشركات التي تراجعت قدرتها التنافسية ولكن لا تزال تتمتع بطلب متزايد ومستقر من العملاء. فإذا كان قادة هذه الشركات يرون أن لديهم فرصة للاستمرار في السوق رغم هذا التراجع، فعليهم التفكير في خفض التكاليف لتحسين الهوامش الربحية، دون التضحية بالطلب القائم. وتشمل الخطوات الفورية التي يمكن اتخاذها على إعادة هندسة التكاليف، وتحسين التصاميم لتقديم أعلى قيمة ممكنة بأقل تكلفة (تصميم للقيمة)، وإعادة التفاوض مع الموردين، وإعادة تشكيل شبكة التوريد بشكل انتقائي، وضبط الأسعار بدقة، إلى جانب استثمارات محتملة في تمييز المنتجات عن المنافسين. وفي بعض الحالات، قد يتوجب على القيادات التفكير في التخلي عن خطوط الأعمال غير المربحة وتبسيط مجموعة العمليات والمنتجات. وعلى المدى المتوسط، ينبغي على هذه الشركات أيضاً تحديد كيفية تعزيز موقعها في السوق عبر مراجعة سلاسل الإمداد، وإعادة توزيع مواقع التصنيع، وإعادة تنظيم الكفاءات والعمليات الداخلية، بما يضمن استعادة مكانتها التنافسية وتحقيق نمو مستدام.
- تحسين الأداء وإعادة ترتيب الأولويات: الشركات في هذه الفئة تجد نفسها في موقف صعب لأنها تعتمد على منتجات معرضة بشكل كبير للرسوم الجمركية، بالإضافة إلى أنها تشهد انخفاضًا في الطلب من العملاء. لذلك، يجب على القادة التفكير في تقليل هذا الخطر من خلال تسريع عملية تقليل التكاليف، وتأجيل أي استثمارات كبيرة في المجالات التي قد تتأثر أكثر بالرسوم الجمركية، والنظر في خيارات لإعادة هيكلة الشركة. أمّا في بعض الحالات، من الأفضل للشركة أن تركز فقط على الأسواق التي تمتلك فيها ميزة تنافسية واضحة، سواء من حيث الربحية أو قوة الموقف في السوق. أيضًا، من المهم أن تعمل على تحسين تنوع المنتجات والأسواق التي تبيعها، بما يتماشى مع محفظتها التجارية بشكل عام.
مراجعة القرارات في ظل التحديات الحالية
القرارات الاستراتيجية التي تتخذها الشركات ليست ثابتة أو دائمة. يحتاج قادة الأعمال إلى تحليل مجموعة من السيناريوهات المحتملة، بعضها قد يتطلب تحركات استراتيجية مختلفة. ولإيجاد أفضل طريقة للتعامل مع الوضع، يجب على القادة أن يسألوا أنفسهم الأسئلة التالية:
- ما هي المنتجات التي يحتفظ فيها موقعي التنافسي بالثبات حتى مع تغير الظروف أو السيناريوهات المستقبلية المختلفة؟ وما هي الخطوات أو الإجراءات المشتركة التي ينبغي اتخاذها لدعم هذه المنتجات بغض النظر عن السيناريو المستقبلي؟
- عند اتخاذ قرارات كبيرة، مثل نقل مصنع، ما هو الحد الذي يجب أن أتجاوز فيه الرسوم الجمركية أو التغيرات التجارية الأخرى لكي أغير قراري؟ وهل هذا الحد منخفض بما يكفي حتى تصبح تكلفة عدم التحرك أكبر من أي مخاطرة قد أواجهها إذا قررت التحرك؟
الإجابات على هذه الأسئلة ستساعد قادة الشركات في تحديد الأوقات التي يجب عليهم التحرك فيها، وتلك التي يمكنهم الانتظار خلالها.
وتتساءل العديد من الشركات أيضًا ما إذا كان من الممكن تقليل حالة عدم اليقين الحالية. ورغم أننا لا نوصي بمحاولة التنبؤ بتطور الرسوم الجمركية على المدى الطويل، إلا أن فهم أولويات الإدارة الأمريكية قد يساعد في معرفة التغيرات التي قد تستمر لفترة طويلة وأيّها قد تكون مؤقتة. وتشمل أولويات الحكومة الأمريكية المجالات التالية:
- تعزيز الأمن الوطني: فرضت الولايات المتحدة قيودًا تجارية على بعض الصناعات التي تعتبرها ضرورية لحماية التقنيات الحساسة والتكنولوجيات المزدوجة الاستخدام، بالإضافة إلى إعادة بناء القاعدة الصناعية الدفاعية المحلية. وقد شملت هذه الإجراءات فرض رسوم جمركية على الصلب والألومنيوم، ومن المتوقع اتخاذ خطوات مماثلة على صناعة أشباه الموصلات.3 كما حددت الحكومة الأمريكية عددًا من القطاعات التي تعد حيوية للأمن الوطني، مثل صناعة السيارات، والمعادن الأساسية والمصنعة، والبطاريات، والتصنيع البيولوجي، وأدوات الآلات، والإلكترونيات الدقيقة، والأدوية، وبناء السفن، والمنتجات التكنولوجية، ومعدات النقل.4
- تعزيز التصنيع الأمريكي: أكدت الحكومة الأمريكية أن الهدف الرئيسي من فرض الرسوم الجمركية الأخيرة هو تشجيع الشركات على نقل المزيد من عمليات التصنيع إلى داخل الولايات المتحدة.5 وتشير الإدارة إلى أن استعادة وظيفة تصنيع واحدة يمكن أن تؤدي إلى خلق "من 7 إلى 12 وظيفة جديدة" في صناعات أخرى مترابطة. وهذا سيساهم في زيادة قدرة الولايات المتحدة على المنافسة من خلال تحسين الإنتاجية، ويعزز الابتكار المحلي من خلال زيادة الإنفاق على البحث والتطوير.6 على سبيل المثال، تشير الإدارة بشكل خاص إلى صناعة السيارات كأحد المجالات التي تركز عليها هذه السياسات.7
- موازنة العلاقات التجارية: أكدت الإدارة الأمريكية أنها تستخدم الرسوم الجمركية بهدف تقليل أو القضاء على العجز التجاري الكبير الذي تعاني منه الولايات المتحدة، والذي سببه "الفوارق في الرسوم الجمركية والعوائق التجارية غير الجمركية التي تفرضها بعض الدول الأخرى".8 ولتصحيح هذا الوضع، أشار الرئيس ترامب إلى أنه على سبيل المثال، يجب على الاتحاد الأوروبي شراء كميات أكبر من مصادر الطاقة مثل النفط والغاز من الولايات المتحدة. كما أن جميع القطاعات التي لا تندرج تحت فئات الأمن القومي أو التصنيع الأمريكي من المحتمل أن تخضع لمفاوضات تهدف إلى تقليص العجز التجاري الخاص بكل دولة.
في ظل التغيرات الحالية في التجارة العالمية، من الضروري أن يقوم قادة الشركات بدراسة وتحليل الوضع التنافسي لشركاتهم وكذلك السوق التي تعمل فيها منتجاتهم. يساعد هذا التحليل في تحديد اللحظات الحاسمة التي تستدعي اتخاذ قرارات استراتيجية معينة على المدى القصير والمتوسط. فمن خلال هذه الرؤية الواضحة، يمكن لفريق القيادة في الشركة اتخاذ خطوات مسبقة لضمان التعامل مع التحديات المرتبطة بالرسوم الجمركية، وفي نفس الوقت ضمان قدرة الشركة على الحفاظ على قوتها واستمرار توسعها ونموها.